info@judgeassociation-lb.com

تابعنا:

UncategorizedLibrary 1

August 1, 20250

دعـــــوة لتأسيـــــس جمعيــــــة للقضــــــاة في لبــــنان

القاضي سهيل عبود

دراسة نشرت في جريدة النهار،

تاريخ 4/7/2006، رقم العدد /22702/

الصفحة /19/، العامود /1/

سأسمح لنفسي بمداخلة عنوانها: التحركات القضائية الجماعية مستقبلاً في لبنان

وسأقسم المداخلة ثلاثة محاور

الاول يعنى بتحديد الجهة او الجهات التي تقوم بمثل هذه التحركات

والثاني يعالج الوسائل الممكن اعتمادها لمثل هذه التحركات

اما الثالث فيحاول توقع النتائج المرتقبة للتحركات المذكورة أو اكتناهها

اولاً: الجهة او الجهات التي يفترض ان تقوم بالتحرك القضائي الجماعي في المستقبل

يفترض كل تحرّك جماعي بداهة التنظيم والتوجيه من قبل هيئة منظمة وموجهة. والهيئة المفترض بها الريادة في هذا المجال كانت وتبقى هيئة مجلس القضاء الاعلى

وينبغي مؤازرة هذا المجلس بأجهزة داعمة له او قادرة على اتخاذ المبادرة عند حصول اي تلكؤ منه

وهذه الاجهزة والهيئات الداعمة متنوعة في طبيعتها، وهي إما قضائية وإما مهنية وإما هيئات منبثقة من المجتمع المدني

واذا ما بدأنا بمجلس القضاء الاعلى في لبنان المنظّم بمقتضى قانون القضاء العدلي رقم 83/150 المعدل، نلحظ أنّ قدرته في مجال التحرك الجماعي وفي قيادة هذا التحرك ليست متواضعة متى توافرت لديه نية التحرك وارادة التغيير، باعتبار انه المولج بالسهر على حسن سير القضاء وكرامته واستقلاليته وحسن سير العمل في المحاكم واتخاذ القرارات في هذا الشأن – المادة الرابعة من قانون القضاء العدلي

واذا كان لا بدّ بلا ادنى شك من اجراء تعديلات تشمل كيفية اختيار اعضاء مجلس القضاء الاعلى وتشكيله منعاً لكل تدخل سياسي في النظام المذكور

واذا كان من الضروري ايضاً استحداث تعديلات تشمل صلاحيات هذا المجلس واختصاصاته عبر توسيعها

فان ذلك لا يمنع ولا يحول دون اتخاذ المبادرات في الاطر القانونية المتاحة حالياً والسعي كذلك الى اتمام التعديلات المومأ اليها

وكما سبق واشرنا فانه من المفترض ايضاً ايجاد هيئات اخرى قادرة على تحريك القضاء جماعياً، او قادرة على تفعيل اي تحرك قضائي جماعي، وذلك عبر تأليف نقابة او جمعية للقضاة او ناد للقضاة

ويبدو المجال مفتوحاً امامنا للاسترشاد او الاستفادة من تجارب دول اخرى سبقتنا في هذا المجال كفرنسا وسويسرا ومصر

واستغل المناسبة الحاضرة لطرح مسألة ملحّة تتعلق بتأسيس جمعية للقضاة، علماً ان نظام مثل هذه الجمعية يعتبر متوافقاً مع القواعد الدستورية والقانونية المعمول بها، ومع قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 40/32 تاريخ 29/11/85 ورقم 40/146 تاريخ 13/12/85 ومتماشياً ايضاً مع الشرعة العالمية للقاضي الصادرة عن الاتحاد العالمي للقضاة ومع ما اقره الاتحاد الاوروبي بهذا الصدد

وانتهزنا مناسبة لتوجيه دعوة صريحة الى تأليف هذه الجمعية وتأطيرها قانوناً

تجدر الاشارة اخيراً ضمن هذا المحور الى ان التحرك القضائي الجماعي في المستقبل قد ينطلق من مبادرة يتبناها القضاة صادرة عن إحدى هيئات المجتمع المدني، عنيت بها مبادرة صادرة عن نقابة المحامين مثلاً او عن إحدى الجمعيات المدنية

وأختم المحور الاول بالتشديد على انّ كل تحرك قضائي جماعي يبقى مرتبطاً بارادة القضاة اولاً واخيراً وبتعاضدهم حول هدف واحد وبتوجيه مطالبتهم بصورة مسؤولة بالاضافة الى ارتضائهم تحمل التضحيات في سبيل انجاح تحركهم

ثانياً: وسائل التحرك القضائي الجماعي في المستقبل

قيل الغاية تبرر الوسيلة، ونقول ان الغاية المشروعة يمكن تحقيقها بوسائل مشروعة وان استلزمت احياناً تضحيات كبيرة

لذا فان التمهيد للتحرك القضائي المستقبلي يبدأ بتنظيم الداخل القضائي وبتجديد الصورة القديمة لقضاة لبنان، الذين يفترض بهم أخذ المبادرة والشروع في ورشة الايدي النظيفة، وتطبيق الرقابة الذاتية ونظام الاهلية، واصلاح عيوب غير خافية على أحد، مفعّلين التفتيش القضائي، محسّنين الانتاجية نوعاً وكماًـ ومحفّزين القضاة اصحاب الجدارة الممثلين لاكثرية من قضاة لبنان

في موازاة هذه الورشة الداخلية الدائمة التي تساعد في تقبل اي مطالب اصلاحية وفي ايجاد مناخ ايجابي لقبولها، يتمتع التحرك القضائي بوسائل عدة لتحقيق غايات تحركه سنعددها على سبيل المثال لا الحصر

  1. عقد جمعيات عمومية للقضاة على اساس جدول اعمال مفصل تتخللها نقاشات مستفيضة وتختتم باصدار توصيات ومقررات واضحة. ولنا في الجمعية التي انعقدت حديثا في شأن موضوع استكمال تشكيل مجلس القضاء الاعلى مثل يحتدى ويفترض تطويره
  2. تفـــعيل نص المادة 44 من قانــون القضاء العدلي عبر توجيه كتب بمطالب جماعية الى مجــــلس القضاء الاعلــى مع طرح افكار واضحة في ما يتعـــــلق بشأن تطبيقها، مع امكان تحويـــل هذه المطالب من اطــــارها الخاص الى اطـــارها العلـــني عبر توعيــــة الـــرأي العــام وهيئات المجتمع المـــدني حـــول اهميتها وضرورتها في ايجــــاد سلطة قضائية مستقـــلة حامية لحقــــوق المواطــــن، ومع طرح امكان التحرك تدريجا بغية نيل هذه المطالب المحقة

ولنا في التجربة الفرنسية وفي الكتب المفتوحة الموجهة من نقابة القضاة في فرنسا الى وزير العدل والى المجلس الاشتراعي بخصوص مطالب جماعية او حتى بخصوص مطالب خاصة ناشئة عن تعرض غير محق لأحد القضاة او تصرف غير قانوني بحقه امثلة تحتذى، مثل قضية القاضي اوترو Outreau وملاحظات النقابة حول اقتراحات لجنة كابان Cabannes

  1. التواصل الدوري والدائم مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، بواسطة مجلس القضاء او الهيئات الموازية، ولاسيما عبر وزارة العدل ولجنة الادارة والعدل النيابية بغية تأمين التعاون الايجابي المسؤول بين السلطات وايصال المطالب المحقة الى خواتيمها المرجوة
  2. تعزيز التعاون مع قضاة الدول العربية وسائر دول العالم عبر مؤتمرات وندوات واجتماعات مشتركة بهدف الاستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم

ثالثا: نتائج التحرك القضائي الجماعي في المستقبل

ان ما عرضناه ضمن المحورين الاول والثاني يفضي بلا شك الى نتائج تكلل التحرك القضائي. فما النتائج المتوقعة لهذا التحرك؟

ان النتيجة الاولى تتمثل في تكريس حق القضاة في المجتمع وفي التحرك، سواء بواسطة مجلس القضاء الاعلى او بواسطة هيئات قضائية اخرى بقصد نيل مطالبهم المحقة

ولا ضرورة في هذا المجال لانتظار تحقق تعديلات في القوانين المرعية لاستعمال هذا الحق. مع الاشارة الى ان التحرك او التهديد بالتحرك من شأنه دفع السلطات الأخرى الى مراعاة استقلالية السلطة القضائية ونطاق هذه السلطة

اما النتيجة الثانية للتحرك القضائي فتكمن في اعتباره متابعة دؤوبة لمشروع تكريس السلطــــة القضائية المستقلة من النواحي القانونيـــــة والتنظيميــــة والمالية، كذلك لمشروع الفصل بين نظام القضاة ونظام الموظفين ولمحاولة تأمين انتخاب اكثرية اعضاء مجلس القضاء الاعلى، الذي يفترض ان يمنح دون سواه صلاحية اجراء التشكيلات والمناقلات القضائية

اما النتيجة الثالثة للتحرك القضائي فهي استنهاض الرأي العام وهيئات المجتمع المدني بقصد المساهمة في ورشة السلطة القضائية المستقلة وتوعية الرأي العام على ضرورة تحقيق هذه السلطة المفترض بها حماية الحريات وضمانة الحقوق. تبقى النتيجة الرابعة لمثل هذا التحرك وتتمثل في تشجيع العنــــاصر صاحبة الكفــــاءة على الانخــــراط في سلـــــك القضــــاء عبر تحفيزها معنويـــا، بالاضافة الى تحفيزها ماديا من طريق المطالبة بزيادة مخصصات القاضي لتناسب وضعه في المجتمع ودوره

اخيرا، اختم بتوجيه دعوة صادقة وصريحة الى مجلس القضاء الاعلى الجديد للمبادرة الى تطبيق النص المتعلق بأهلية القاضي بصورة علمية، والى اجراء تشكيلات قضائية شاملة عنوانها الوحيد النظافة والكفاءة والقاضي المناسب في المركز المناسب، وذلك وفق نظام تقويمي موضوعي وعلمي يلزم مجلس القضاء نفسه به فيصعب تخطيه في اي تشكيلات لاحقة، بعيدا عن اي تدخلات من اي جهة أتت

وادعوه ايضا الى حمل لواء المطالبة بتكريس استقلالية السلطة القضائية وتحسين وضع القضاة والمساعدين القضائيين وقصور العدل

كما ادعوه الى اخضاع نفسه لمبدأ المحاسبة امام الجمعية العمومية للقضاة على اساس برنامج يلتزم تجاهها تطبيقه. مع التشديد على ان مبدأ استقلالية السلطة القضائية ليس منّة من احد، بل هو حق دستوري واجب، فرضه تطور دولة القانون، واكسابه بعده التطبيقي الكامل يستحق منا كل التضحيات

يقول احد القضاة الفرنسيين ما ترجمته: “ان الاستقلالية لا تُستجدى ولا تخضع للمساومة وليست بحاجة الى اثبات، بل هي واحدة، وهي حقيقة عارية مثبتة بواقع وجودها فقط

… فلنكن جديرين بهذه الاستقلالية، ومناضلين دائمين في سبيل تثبيتها

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Copyright © 2025. Developed with Passion by Input The Output